الانعزال عن الناس بعد الالتزام
السؤال: بعض الشباب إذا التزم ينعزل عن أهله وعن الشباب ولا يكلم إلا مع من هو مستقيماً ولا يسلم على الناس، فما هو رأي فضيلتكم في ذلك؟
الجواب: يجب أن يعلم الشباب -جميعاً- أنهم أرحم الناس بالناس، وأحرص الناس على هداية الناس، وأن من رحمتهم بالناس أنهم يريدون لهم الهداية وأن يكفوا عن المعاصي، وأن يعرفوا طريق ربهم، لأن هذا هو سبيل الجنة، فمن رحمتهم بالناس أن يريدوا لهم الهداية، فإذا تحول بعض الدعاة إلى انطوائيين منعزلين، أو ملوا من نفور الناس منهم، أو قال: هذا لا يقبل الحق، وهذا ليس فيه خير ولا يمكن أن أدعوه، وهذا لا يمكن أن أسلم عليه، لأن عنده معاصي أو شيء من هذا، فإن هذا يكون من الخطأ.
ونحن الدعاة يجب أن نكون أوسع الناس صدراً، وأكثرهم حلماً وصبراً، ولنا في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأسوة الحسنة في صبره ودعوته وتحمله لقومه، وكل رسل الله تعالى كانوا كذلك.
فالانعزال ليس من سمات الداعية الناجح، وإنما الانعزال يكون للإنسان إذا عجز ولم يستجب له، أو كان يخشى على إيمانه هو، وبذل السلام لعامة الناس -أيضاً- هو أمر مطلوب حتى وإن كان فيهم العصاة، فإن هذا مما نتألف به قلوب الناس فلا يصح أن يبقى بعض الشباب محصوراً بين إخوانه من الشباب، ولا يسلم على غيرهم.
ونقول لإخواننا الكبار أو غيرهم ممن يشكون من الشباب الدعاة: إذا وجدت في بعض الشباب الدعاة شيئاً من الخطأ أو القسوة والجفوة والانحراف، فاحملوهم على المحمل الحسن، فاحمد الله أولاً أنهم اهتدوا، وأقل ما في هدايتهم أنهم كفوكم شرهم، فهو شيء كبير، وإذا كان المجتمع كله أناس مهتدون، فهذا خير كبير.
وهؤلاء الشباب -أيضاً- لا يزالون في أول الطريق، وإن شاء الله إذا عقلوا وفقهوا وترقوا في العلم ترون منهم ما يسركم، فاحملوهم على المحمل الحسن، وشجعوهم وخذوهم بالمحبة، وقولوا: إنا نحبكم ولكن لا نريد منكم هذه العزلة ونحن -إن شاء الله- نقبل خيركم ونصائحكم ونقبل توجيهاتكم، فإذا فعلتم ذلك زالت الجفوة والعزلة إن شاء الله.